الجولان المحتل.. قراءه في معضلات الواقع - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني


الجولان المحتل.. قراءه في معضلات الواقع
كفى عبثا بالمقدرات والانجازات الوطنية-
ج1
سيطان نمر الولي* - 23\06\2009
اكتسب الجولان العربي السوري المحتل أهميته السياسية، بكونه جزءا من الوطن الأم سوريا، لعدة أسباب وعوامل أساسية، جعلته يحظى بكل هذا التقدير والاهتمام العالمي على المستويات السياسية والدبلوماسية والإعلامية، وذلك من خلال:
- التكوين الديموغرافي... فقد نزح قسرا عن الجولان ما يقارب أل 93 بالمائة من سكانه البالغ عددهم بحدود 150000، نتيجة للعدوان الإسرائيلي على سوريا في الخامس من حزيران عام 67 وما رافق. و استتبع هذا العدوان من حيثيات ونتائج على المستوى الإنساني والسياسي والعسكري، وما نشأ من ضرورات وواجبات وطنية دفعت بالباقي من سكان الجولان إلى تحمل أعباء النضال ضد الاحتلال الغاشم، حفاظا على الأرض والعرض والانتماء للوطن الأم سوريا وللأمة العربية، فقد أُختزل الوطن بالعشرة آلاف مواطن بقوا تحت الاحتلال، حملوا على كاهلهم مسؤولية عظيمة، تمرسوا عليها على مدار الأحقاب التاريخية السالفة، فكان واجباً عليهم الدفاع عن عروبة الجولان وعروبة المواطنة السورية لأنفسهم، والتشبث بالأرض التي هم عليها، ومن خيرها يأكلون، ومن ماءها يرتوون، وفي ترابها يدفنون، وفي سبيل الحق يمضون دون أن يأبهوا بأرواحهم وحريتهم كرمى لها. فإن الجواب على السؤال الخاطئ:
لماذا لم ينزح (الدروز) عن الجولان؟ هو نفس الجواب على السؤال الصحيح: لماذا بقي هؤلاء العرب السوريون في ارض الجولان رغم الاحتلال؟!!

- العوامل النضالية الموروثة والمتكونة... فقد عهد سكان المنطقة النضال ضد الاستعمار العثماني، ثم الاستعمار الفرنسي، وتشكلت لديهم تجربة عميقة وواسعة من أساليب مقاومة الاحتلال، ومتمرسة في الحفاظ على الانتماء للوطن والأرض والشعب، كانت الأساس الذي تكوّن وُبني عليه نضالهم ضد الاحتلال الإسرائيلي، ورفض قانون الضم، ورفض التجنيد (الإجباري والاختياري)، وكذا رفض تبديل الهوية (الجنسية)العربية السورية. وبات سكان الجولان مضرب الأمثال في تحدي الاحتلال على قلة تعديدهم وانعدام عدتهم، إلا ما ملكوا من قوة الإرادة والعزم والإيمان.

- وحدة الموقف بالقول والفعل: لم يكن صدفيا أن يجتمع أهل الجولان على قول واحد وفعل موحد، في مواجهة قرار الضم والإلحاق الصادر عن الكنيست الإسرائيلي في 14-12-1981، والإعلان عن الإضراب الكبير في 14-2-1982، تعبيرا عن الموقف الوطني الثابت، والموقف النضالي المتأصل في حياة وتاريخ جماهير الجولان. فقد أُعلن الموقف النضالي ضد الاحتلال منذ اليوم الأول لإحتلال الجولان ودخل المعتقلات العشرات من المناضلين بتهمة مقاومة الاحتلال، وبذلك أُرسيت أخلاقيات الانتماء وقيمها، وقواعد السلوك الوطني المتجدد، ليكون الأساس الذي يرسم معالم وافق المستقبل في كيفية التصرف تحت الاحتلال ومع إجراءاته التعسفية وقوانينه الجائرة. فكانت الوحدة في الموقف قولا وعملا الركيزة الأساسية في نجاح الإضراب وما تلاه من أعمال المقاومة والنضال المستمر، على ذات الطريق والى ذات الهدف.

- المصلحة الوطنية المشتركة: إن الفعل والعمل النضالي يرتكز أساسا على التفاني الذاتي من الكل لأجل الكل، وهذا من أجل المصلحة الوطنية المشتركة، على قاعدة الانتماء للوطن، والحفاظ على الأرض والهوية والكرامة الوطنية. ولم تكن المساهمة في العمل الوطني يوما لأجل المصالح الذاتية الضيقة بالعموم، وان لم تخلو منها في بعض الحالات. ولم تصل الأمور بالأسرى المحررين إلى المطالبة بالعيش الكريم لأنهم كانوا نسبيا يعيشون حياة كريمة، ولم يعطى يوما ما يحق إلا لمن يستحق.

- التكافل والتعاضد الاجتماعي: وهما سمتان رافقتا السلوك الحياتي لجماهير الجولان في جوانبه
ألاقتصاديه والنضالية، من خلال المؤازرة والتكاتف وحماية الأرزاق والممتلكات، وغيرة الفرد على الجماعة، وحماية الجماعة للفرد، وتوفير الأمان له.

- القيادة الجماهيرية: لقد توفرت آنذاك قيادة جماهيرية صادقه ومخلصه للوطن والقضية، ومخلصة أمام الجماهير، الذين هم الأساس في الفعل الوطني الحاسم، وسادت المصداقية والشفافية والصراحة وتبادل الرأي والمشورة بين شتى الأطراف، ولم تكن هناك صلات شخصية بين الجزء المحتل من الجولان وبين الوطن الأم.

- الموقف الحازم: امتاز الموقف الوطني في النظر إلى رفض دولة الاحتلال وقوانينها، من جهة، والى الانتماء للوطن الأم سوريا، من جهة ثانية، والى الوثيقة الوطنية وما تحتويه، من جهة ثالثة، امتاز بالحزم وقوة الشكيمة، والقطع البت في الأمور التي لا تقبل التأويل ولا التنازل ولا التهاون ولا التلاعب، فلم يجلس أذناب سلطة الاحتلال في مجالس الرجال، ولم يكن لهم أن يدلوا حتى في رأي في القضايا البسيطة، ناهيك عن الأساسية. ولم يكن الاجتهاد في التعاطي مع تلك القضايا إلا فيما لا يضر بالمصالح الشخصية ولا المصالح الوطنية العليا، وفيما يجيزه القانون الدولي في التعاطي بين سكان الأرض المحتلة ودولة الاحتلال.

- الثقة المتبادلة بين أبناء الصف الوطني الواحد: فكما كان ينظر الفرد إلى نفسه، كان بذات الوقت ينظر إلى غيره. إلا فيما أعلن عن نفسه قولا أو عملا، يخرج نفسه فيه عن الإجماع الوطني العام. وكانت صيانة الفرد وشرفه والدفاع عنه من السمات المميزة في العلاقة بين الأفراد. واعتبر إن ما يمس الفرد هو مس بالجماعة.

- الروابط الاجتماعية: سادت الرابطة الاجتماعية القائمة على الانتماء للوطن والأرض والهوية
والتراث الوطني المشترك، وتم القفز عن الانتماء العائلي والسياسي والشللي، وكان الأفراد والجماعات والعائلات تعمل على طريق واحدة، وان تعددت الأساليب، وتعمل لهدف واحد وغرض واحد، وان تعددت الأهواء.

- لم تكن آلة التلفون والفاكس موجودة .

- لم يكن الفساد مستشريا في مؤسسات الوطن.

- لم يكن الفاسدون والمفسدون في مواقع المسؤولية.

- لم ينظر الشرفاء والمخلصين إلى مصالحهم الخاصة، ولم يطمع أي منهم في اقتسام الكعكة.

- لم يرفع عميلا عينه في وجه مناضل، ولم يتدلّ رأس مناضل فوق رقبته.

هكذا كانت صورة الجولان وأهله، وهكذا نأمل أن تكون عليه. أما لماذا وصلنا إلى ما وصلنا إليه؟! فما عليك عزيزي القارئ إلا أن تقرأ هذا المقال بالمرآة.

_____

* سيطان نمر الولي: أسير جولاني سابق، قضى 23 عاماً في السجون الإسرائيلية بتهمة مقاومة الاحتلال. أفرجت عنه سلطات الاجتلال بعد إصابته بمرض خطير.

إقرأ أيضاً:

كفى عبثا بالمقدرات والانجازات الوطنية - ج 2